“شطّ العرب” قصة عشق وحضارة ترويها البصرة الفيحاء
البصرة الفيحاء وشطّ العرب قصة عشق تروى وصنوان لا يفترقان أبداً، فالشطّ نهرٌ خالدٌ ارتوت منه الأمم والحضارات الإنسانية التي قامت فوق ثرى بلاد الرافدين، ومياهه تنساب هادئة كالحلم لداخل النفس التواقة، ليأسرها حباً لحظة وقوفها على ضفتيه، الذي كانت ومازالت رمزاً لوحدة العرب ومحلاً لالتقاء الأشقاء ولو بعد حين.
ولشطّ العرب وبصرة الفيحاء حكايات كثيرة قديمة وحديثة، أكثرها قرباً من النفس وأحدثها، تلك الألفة الحميمة التي جمعت دول الخليج العربي المشاركة في بطولة خليجي 25 المقامة حالياً بالبصرة، والحفاوة غير المستغربة من العراق وأهله الكرام لأشقائهم فهي سمة عربية أصيلة.
أبحرت وكالة الأنباء السعودية “واس” في مياه “شطّ العرب” العذبة، فاردة أشرعتها لتلتقف عناوين المحبة والإخاء وتسبر أغوارها، فعلى ضفتيه تغنى الفلاح البسيط ليغرس الجنان والبساتين بالنخيل الباسقة عزة وشهامة، ليجعل من مدينته مستقراً لكثير من الحضارات القديمة كالآشورية والبابلية والسومرية وحضارة عكد، وصولاً إلى الحضارة العربية التي عاشت زهو مجدها وعز نظارتها على ضفتيه لتكون منبراً ومركزاً للفنون والأدب والثقافة الإنسانية العربية الخالدة، ومناراً لباقي الأمم.
وشطّ العرب هو نهرٌ يتكون من التقاء نهري دجلة والفرات، حيث يلتقي نهر دجلة مع المجرى الأعلى للفرات بمدينة القرنة على بعد 375 كم جنوب بغداد ويلتقي دجلة والفرات الأسفل في كرمة علي ويبلغ ما يربو على 190 كم، ويمر شطّ العرب على طول امتداده ببساتين النخيل التي تقدر بحوالي 14 مليون نخلة تمثل ثلث عدد النخيل في العراق، تنتج حوالي 100 إلى 150,000 طن سنوياً من التمور.
ويتباين عرض شطّ العرب لمسافات مختلفة، أدناها في “العشار” بـ 400 م، وبحوالي (1500) م عند المصب في الخليج العربي في قرية “الفاو”، أما عمقه فيتراوح ما بين تسعة أمتار إلى (10.75) م.
وتتفرع من شطّ العرب عدد من الأنهار والترع والسواقي الصغيرة التي تقدر بالآلاف، مشكلة أنهاراً رئيسية معروفة كنهر الشافي ونهر الماجدية والرباط والخندق والعشار والحارة والسراجي وحمدان والحمزة وأبو مغيرة وأبوالخصيب وجميعها على الضفة الغربية للشطّ، أما الضفة الشرقية فهناك أنهر منها نهر كتيبان ونهر الكباسي وشطّ العرب الصغير وغيرها كثر، وتذكر كتب التاريخ أن الأنهار التي تولدت من شطّ العرب، وتتخلل أراضي البصرة هي 635 نهراً، منها 470 في الجانب الشمالي، أي من القرنة حتى الفاو، و165 نهراً في الجانب الشرقي.
ويمثل شطّ العرب المدخل الرئيسي من الساحل الشمالي للخليج العربي إلى سهل العراق وامتداده في مناطق السهول الأخرى في الأراضي السورية، وأهميته الإستراتيجية مرتبطة بما تمثله منطقة الخليج العربي من أهمية اقتصادية كونه يضم نسبة كبيرة من نفط العراق، ويشكّل موقعاً لوجستياً إستراتيجياً عالي الأهمية خاصة في مجالات النقل والخدمات اللوجستية كونه يمثل نقطة التقاء الخطوط الملاحية البحرية ومنه للبرية لتربط قارات العالم الثلاث.
ولشطّ العرب أهمية اقتصادية في مجال الزراعة لا سيما زراعة النخيل حيث توجد عند مصب النهرين أهم منطقة بساتين نخيل في العالم، وقد لاقت هذه المنطقة اهتماماً عراقياً خاصاً منذ الفتح العربي حيث تم شقّ آلاف الجداول للاستفادة من المياه العذبة التي تجري على طول الشطّ وأفرعه.