تسريبات البنتاغون: حرب تضليل أم خرق استخباراتي؟
في الأيام الأخيرة، انتشرت على مواقع التواصل الاجتماعي وثائق سرية تزعم أنها صادرة من البنتاغون، تتعلق بالحرب في أوكرانيا ومواضيع دولية أخرى، مثل دور إسرائيل والسعودية والإمارات في دعم كييف، والتحديات التي تواجه القوات الأوكرانية في مواجهة الانفصاليين المدعومين من روسيا. هذه الوثائق، التي تحمل ختم “سري للغاية”، أثارت جدلا واسعا وتساؤلات حول مصداقيتها ومصدرها ودوافعها.
هل تسريبات البنتاغون حقيقية؟
لا يمكن التأكد من صحة هذه الوثائق بشكل قطعي، لأن البنتاغون لم يؤكد أو ينف نشرها. ولكن هناك عدة عوامل تشير إلى أنها مزورة أو مغلوطة. من بينها:
- الأخطاء الإملائية والنحوية. فالوثائق تحتوي على أخطاء لغوية غير مألوفة في المستندات الرسمية، مثل استخدام “ال” بدلا من “إلى”، أو “ال” بدلا من “في”، أو “ال” بدلا من “من”.
- الأسلوب غير المهني. فالوثائق تستخدم عبارات غير محايدة أو دقيقة، مثل “الجيش الروسي المحتل”، أو “الإرهابيين المدعومين من روسيا”، أو “الانفصاليين المجرمين”، أو “الجزء المحرر من أوكرانيا”.
- عدم التطابق مع الحقائق. فالوثائق تزعم أشياء لا تتفق مع الواقع، مثل أن روسيا سيطرت على 75% من باخموت، وهي مدينة استراتيجية في شرق أوكرانيا، بينما تشير التقارير إلى أن المدينة لا تزال تحت سيطرة الحكومة الأوكرانية. كما تزعم الوثائق أن إسرائيل قامت بإسقاط طائرات روسية في سوريا، وهذا لم يثبت بأدلة.
ما هي تداعيات تسريبات البنتاغون؟
بغض النظر عن صحة هذه الوثائق أو مصدرها أو دافعها، فإنها تحمل تداعيات سلبية على عدة مستويات:
- الثقة. فهذه الوثائق تضعف من ثقة المجتمع الدولي والشعب الأميركي بالبنتاغون والإدارة الأميركية، وتثير التساؤلات حول قدرتهم على حماية المعلومات السرية والتصدي للتهديدات والتحديات.
- العلاقات. فهذه الوثائق تؤثر على العلاقات بين الولايات المتحدة وحلفائها وشركائها، خصوصا في منطقة الشرق الأوسط، حيث تكشف عن تورط بعض الدول في دعم أوكرانيا أو التدخل في سوريا أو اليمن أو ليبيا. كما تزيد من التوتر بين الولايات المتحدة وروسيا وإيران وحزب الله وغيرهم من المعارضين للسياسة الأميركية.
- الأمن. فهذه الوثائق تشكل خطرا على أمن وسلامة القوات الأميركية والأوكرانية والإسرائيلية وغيرها من القوات المشاركة في مواجهة الانفصاليين المدعومين من روسيا في شرق أوكرانيا، أو في مكافحة التطرف والإرهاب في سوريا والعراق وغيرها من البلدان. فالوثائق تكشف عن خطط وأسلحة وإستراتيجيات قد تستخدم ضدهم.
ما هو المطلوب بعد تسريبات البنتاغون؟
في ضوء هذه التسريبات، يجب على الولايات المتحدة وحلفائها اتخاذ إجراءات عاجلة للحد من آثارها ومنع تكرارها. من بين هذه الإجراءات:
- التحقيق. يجب على البنتاغون ووكالات الاستخبارات الأميركية فتح تحقيق شامل وشفاف للكشف عن مصدر ومصداقية هذه الوثائق، ومحاسبة المسؤولين عن تسريبها أو تزويرها أو استغلالها.
- التصحيح. يجب على الإدارة الأميركية والإعلام الأميركي نشر بيانات رسمية وتقارير موثقة لتصحيح المعلومات الخاطئة أو المضللة التي تحتويها هذه الوثائق، وتوضيح موقفها وسياستها تجاه القضايا التي تطرقت إليها، مثل الحرب في أوكرانيا والتعاون مع إسرائيل والدول العربية.
- التعزيز. يجب على الولايات المتحدة وحلفائها تعزيز أمنهم الإلكتروني والمعلوماتي، وتطوير آليات حماية وتشفير وتصنيف الوثائق السرية، وتدريب وتوعية المسؤولين والموظفين على كيفية التعامل معها بشكل سليم وآمن.
- التضامن. يجب على الولايات المتحدة وحلفائها تضامن مع بعضهم البعض في مواجهة هذه التسريبات، والتأكيد على التزامهم بالشراكة والدعم المتبادل في سبيل حفظ الأمن والسلام في المنطقة والعالم.
خاتمة
إن تسريبات البنتاغون، سواء كانت حقيقية أو مزورة، تشكل تحديا كبيرا للولايات المتحدة وحلفائها، وتستدعي ردود فعل حاسمة وسريعة للحيلولة دون تفاقم الأزمة. فلا بد من كشف حقيقة هذه الوثائق، وتصحيح مضامينها، وتعزيز أمن المعلومات، وتضامن الشركاء. فقط بهذه الطريقة، يمكن للولايات المتحدة وحلفائها أن يستعيدوا ثقتهم بأنفسهم وببعضهم، وأن ي