تاريخ طويل من العلاقة المتقلبة بين اليونسكو والولايات المتحدة – لماذا عادت الولايات المتحدة إلى اليونسكو

لم يكن تاريخ العلاقة بين الولايات المتحدة ومنظمة اليونسكو خاليًا من التقلبات والتحولات، حيث شهدت العلاقة بينهما مسارات متعددة من الالتزام والانسحاب. بدأت هذه العلاقة منذ تأسيس المنظمة الدولية في عام 1946، حين انضمت الولايات المتحدة إلى الدول المؤسسة للمنظمة بجانب العديد من الدول الأخرى.

في عام 1984، أصدرت الولايات المتحدة قرارًا بالانسحاب من اليونسكو، وذلك استجابةً لما اعتبرته انحيازًا للمنظمة للأيديولوجيا الشيوعية خلال فترة الحرب الباردة. ولم تكن هذه هي المرة الأولى التي تنسحب فيها الولايات المتحدة، حيث عادت للانضمام مجددًا في عام 2003.

وفي عام 2017، جاء انسحاب جديد من اليونسكو من قبل الولايات المتحدة، وهذه المرة كان السبب هو انتقادات واعتراضات على موقف المنظمة تجاه إسرائيل، بعد قرار تم تبنيه عام 2011 بالاعتراف بفلسطين كعضو كامل في المنظمة. غير أن الولايات المتحدة عادت إلى اليونسكو مرة أخرى في يوليو 2023.

ما يثير التساؤلات هنا هو الدافع وراء هذه الانسحابات والعودات المتكررة. في الانسحاب الأول في عام 1984، أشارت الولايات المتحدة إلى انحياز المنظمة للأيديولوجيا الشيوعية، بينما في الانسحاب الثاني في عام 2017، كان السبب هو الانتقادات لانحياز المنظمة ضد إسرائيل. هذه التحولات تثير تساؤلات حول دور اليونسكو والعوامل التي تؤثر في تطور توجهاتها.

على مر السنوات، أثارت اليونسكو اهتمام الدول بقضايا متنوعة، بدءًا من التعليم وصولاً إلى الثقافة والعلوم. وقد تجلى ذلك في التحولات التي مرت بها أجندة المنظمة، حيث عكفت في فترات معينة على دعم وتطوير التعليم ومكافحة الأمية، ثم اتجهت إلى الحفاظ على التراث وتسجيل المواقع المادية والشفوية للتراث العالمي، وأخيرًا انتقلت إلى التركيز على ضوابط وأخلاقيات الذكاء الاصطناعي.

وهكذا، يظهر أن العلاقة بين الولايات المتحدة واليونسكو لم تكن مقتصرة على الانسحاب والعودة فقط، بل شهدت تحولات كبيرة في توجهات المنظمة وأجندتها. يبقى السؤال المطروح هو ما إذا كانت هذه التحولات تعكس تطورًا طبيعيًا في الأهداف والدور المتوقع من المنظمة، أم أنها تعبر عن انعكاسات لتحديات دبلوماسية وسياسية تواجهها العلاقة بين الدول الأعضاء والمنظمة.