أسباب خفض سعر الفائدة: إجرائية وليست اقتصادية
وقد اعتبرت صحيفة “وول ستريت جورنال” أن انتظار الاحتياطي الفيدرالي حتى سبتمبر لخفض أسعار الفائدة يعود أساسا إلى أسباب إجرائية بدلا من اقتصادية. وأوضحت الصحيفة أن تراجع التضخم وتباطؤ الاقتصاد يجعلان التخفيض ضروريا، مع اشارتها إلى صعوبة تحديد المحفزات التي قد تدفع التضخم للظهور من جديد. وأشارت الصحيفة الى أن بنك الاحتياطي الفيدرالي يستعد لتخفيض أسعار الفائدة في سبتمبر بعد بيانات اقتصادية قوية، مؤكدة على أهمية تحقيق هبوط ناعم لضمان استقرار السوق والتضخم.
أسباب خفض سعر الفائدة: الأساسيات الاقتصادية والسياسية
وذكرت الصحيفة الأمريكية أن السؤال الذي تردده الأسواق في الولايات المتحدة هو: لماذا الانتظار حتى سبتمبر المقبل لخفض أسعار الفائدة؟، وذلك بعد القراءة المنخفضة والمدهشة للتضخم مؤخرا، مشيرة إلى أنه لا يبدو أن هناك سببا وجيها يدفع بنك الاحتياطي الفيدرالي إلى تأجيل خفض أسعار الفائدة لفترة أطول، فالانتظار لفترة أطول يحمل في طياته مخاطر.
وأضافت الصحيفة أن المعايير التي أعلنها بنك الاحتياطي الفيدرالي لخفض أسعار الفائدة، والتي يمكنه بموجبها أن يكون واثقا من أن التضخم يتحرك نحو هدفه البالغ 2 بالمئة، يبدو أنه تم استيفاؤها.
وأردفت الصحيفة أن مؤشر أسعار المستهلك الأساسي الذي يستثني الغذاء والطاقة، ارتفع بنسبة 3.3 بالمئة فقط في يونيو مقارنة بالعام السابق، وهي أبطأ وتيرة منذ أكثر من ثلاث سنوات. كما أن معدل مؤشر أسعار المستهلك الأساسي تباطأ على أساس سنوي أو بقي على حاله لمدة 16 شهرا متتاليا، مما يجعل ذعر السوق بشأن عودة تضخم مفترضة في وقت سابق من هذا العام يبدو أنه مبالغ فيها قطعا.
كما أشارت الصحيفة إلى أنه وعلاوة على ذلك فإنه ليس من الواضح ما هي المحفزات التي يمكن أن تكون لدفع التضخم إلى الظهور من جديد، مشيرة إلى تأكيد جيروم باول رئيس بنك الاحتياطي الفيدرالي في شهادته أمام الكونغرس هذا الأسبوع، أن سوق العمل يتباطأ، مما يزيل محرك التضخم ويسبب مخاطر على النظرة الاقتصادية.
ونوهت الصحيفة الأمريكية باستمرار ورود تحذيرات من الشركات التي تتعامل مع المستهلكين من أن المستهلك الأمريكي أصابه الفلس، وذلك ليس فقط بسبب التضخم التراكمي، بل إن ارتفاع تكاليف الاقتراض لعبت دورا كذلك.
من جانبها، ذكرت صحيفة “فايننشال تايمز” البريطانية أن مسؤولي الاحتياطي الفيدرالي أرسلوا أقوى الإشارات حتى الآن بأنهم يستعدون لخفض أسعار الفائدة، مما يزيد من احتمالات الراحة للمقترضين الأمريكيين الذين طالت معاناتهم للمرة الأولى منذ ارتفاع التضخم في أكبر اقتصاد في العالم في أعقاب جائحة فيروس كورونا.
وذكرت أنه في ظهورهم العلني هذا الأسبوع، بما في ذلك جلستا استماع في الكونجرس لجيروم باول رئيس الاحتياطي الفيدرالي، تحدث رؤساء البنوك المركزية الأمريكية بثقة جديدة بشأن سيطرتهم على التضخم واستعدادهم للشروع في تحول في السياسة النقدية.
وأشارت الصحيفة إلى أن ما قد يعزز قناعاتهم هي البيانات الاقتصادية التي جاءت أفضل من المتوقع، والتي أكدت هذا الأسبوع استمرار التحول الهبوطي في ضغوط أسعار المستهلك. وأضافت الصحيفة أن ذلك جاء جنبا إلى جنب مع تراجع سوق العمل، مشيرة إلى تحذير البنوك الأمريكية من أن العملاء من ذوي الدخل المنخفض تظهر عليهم علامات الضغط المالي بعد فترة طويلة من ارتفاع الأسعار.
وذكرت الصحيفة أنه بالرغم من أن صناع السياسات لم يصلوا إلى حد تقديم تفاصيل محددة حول متى وبأي حجم سوف يخفضون تكاليف الاقتراض، فإن حديثهم أوضح أن عهدا جديدا يجري الآن.
وزادت أن التجار والاقتصاديين يتوقعون على نطاق واسع أن يتم التخفيض الأول في سبتمبر، وهو الأمر الذي قال تيفاني ويلدينج، الخبير الاقتصادي في شركة “بيمكو”، إنه “أمر مفروغ منه” بعد بيانات هذا الأسبوع.
ونقلت الصحيفة عن أوستان جولسبي رئيس بنك الاحتياطي الفيدرالي في شيكاغو، أن انخفاض التضخم يعني أن أسعار الفائدة الحقيقية أصبحت الآن أكثر تقييدا بشكل تلقائي، مشيرا إلى أنهم قاموا بتشديد السياسة النقدية بشكل كبير ومارسوا سياسة الترقب والانتظار.
وتطرقت الصحيفة إلى ما أكده باول للمشرعين مؤخرا، من أن الاحتياطي الفيدرالي لا يحتاج إلى التركيز بشكل أساسي على التضخم مع حدوث تقدم كبير في ترويض ضغوط الأسعار وإظهار سوق العمل علامات واضحة على التباطؤ.
وذكرت الصحيفة أن الاحتياطي الفيدرالي كان عليه أن يكون أكثر وعيا بالتسبب عن غير قصد في خسارة مفرطة للوظائف من خلال الاستمرار في انتهاج أسعار فائدة مرتفعة في أكبر اقتصاد في العالم.
ونقلت الصحيفة عن ماري دالي، رئيسة بنك الاحتياطي الفيدرالي في سان فرانسيسكو، والتي قالت للصحفيين في وقت لاحق من الأسبوع: إن تخفيض أسعار الفائدة سيكون “مبررا”. وقالت الصحيفة “إن ما يدعم مبررات التخفيضات، مع السيطرة الآن على التضخم بشكل أكثر صرامة، هو سوق العمل، الذي قال باول هذا الأسبوع إنه قوي ولكنه ليس “محموما”.
وأشارت الصحيفة إلى أنه مع ارتفاع معدل البطالة إلى ما يزيد على 4 بالمئة وتباطؤ مكاسب الأجور، لم يعد سوق الوظائف يضيف إلى ضغوط الأسعار فحسب، بل أن المكاسب التي تحققت في أعقاب الجائحة قد تتعرض للخطر أيضا في غياب المعايرة الدقيقة للسياسات.
ونقلت عن باول لأعضاء لجنة الخدمات المالية بمجلس النواب، أن تجنب هذه النتيجة كان “الشيء الأول الذي يبقيني مستيقظا في الليل”. وأكدت الصحيفة أن ما يحاول بنك الاحتياطي الفيدرالي تحقيقه هو “هبوط ناعم” بحيث ينخفض التضخم مرة أخرى إلى الهدف دون ارتفاع حاد في عمليات تسريح العمال.