قادة المستقبل

هل تتعرض للتلاعب العاطفي في العمل؟

قد يواجه الموظفون في بيئة العمل مواقف تتضمن محاولات للتأثير عليهم عاطفياً بغرض تحقيق مكاسب شخصية أو حرفية. يُطلق على هذه الممارسات اسم “التلاعب العاطفي” وهي ظاهرة شائعة تؤثر سلباً على الأداء الوظيفي والرفاهية النفسية. يهدف هذا المقال إلى تسليط الضوء على مفهوم التلاعب العاطفي في مكان العمل، وعلاماته التحذيرية، وكيفية التعامل معه بفعالية.

أ. الخلفية والسياق:

يشير التلاعب العاطفي في العمل إلى استخدام أساليب غير أخلاقية لاستغلال مشاعر الآخرين لتحقيق الأهداف الشخصية أو المهنية. يُمكن أن تكون هذه الأساليب متعمدة أو غير متعمدة، وتشمل أساليب مثل إلقاء اللوم، والتهديد، والتلاعب بالشفقة، والإطراء المبالغ فيه، والتهميش، والإقصاء الاجتماعي.

وفقًا لدراسة حديثة أجرتها جامعة هارفارد، فإن أكثر من 60٪ من الموظفين قد تعرضوا لشكل من أشكال التلاعب العاطفي في مكان العمل في مرحلة ما من حياتهم المهنية. ويمكن أن يكون لهذه الممارسات تأثير سلبي على الصحة العقلية والجسدية للموظف، وقد تؤدي إلى انخفاض الإنتاجية، وارتفاع معدلات التغيب عن العمل، وزيادة حالات الإحباط والتوتر.

ب. التحليل:

يعتمد التلاعب العاطفي في العمل على استغلال نقاط ضعف الموظف النفسية والعاطفية. يمكن أن يستغل المتلاعب العاطفي مشاعر الخوف من فقدان الوظيفة، أو الرغبة في إرضاء الآخرين، أو الحاجة إلى القبول الاجتماعي. وتُستخدم أساليب مختلفة لتحقيق هذه الغاية، مثل:

  • إلقاء اللوم: يقوم المتلاعب بإلقاء اللوم على الموظف في حال حدوث أي مشكلة، بغض النظر عن مدى مسؤوليته الفعلية.
  • التهديد: يهدد المتلاعب الموظف بعواقب سلبية، مثل خفض الراتب، أو تقييم الأداء السلبي، أو حتى إنهاء الخدمة، إذا لم يستجب لضغوطه.
  • التلاعب بالشفقة: يلعب المتلاعب على مشاعر التعاطف لدى الموظف من خلال سرد قصص مؤثرة أو ادعاء المعاناة لكسب التأييد أو تحقيق مكاسب شخصية.
  • الإطراء المبالغ فيه: يستخدم المتلاعب المديح المبالغ فيه لتعزيز الأنا لدى الموظف، ثم يستغل ذلك لاحقاً لجعله أكثر تقبلاً لطلباته أو انتقاداته.
  • تهميش الموظف: يقوم المتلاعب بإقصاء الموظف من الاجتماعات المهمة أو حرمانه من الفرص للترقي والتطور، مما يقلل من شعوره بالثقة والأهمية.
  • الإقصاء الاجتماعي: يسعى المتلاعب إلى عزل الموظف عن زملائه في العمل من خلال نشر الشائعات أو الإساءة إليه، مما يؤثر على صحته العقلية ويسهل السيطرة عليه.

ج. التوصيات والتداعيات:

للحماية من التلاعب العاطفي في العمل، يمكن للفرد اتباع الخطوات التالية:

  • تعرف على العلامات التحذيرية: من المهم أن يكون الموظف على دراية بعلامات التلاعب العاطفي، مثل الشعور الدائم بالضغط والتوتر، وفقدان الثقة بالنفس، والخوف الدائم من ارتكاب الأخطاء، والعزلة عن الزملاء.
  • حدد حدودك: من الضروري تحديد وتوضيح الحدود الشخصية في العمل، وعدم الخضوع لأي ضغوط تتجاوز هذه الحدود.
  • وثق الممارسات المسيئة: احتفظ بسجلات مكتوبة أو مسجلة لأي ممارسة تعتبرها تلاعباً عاطفياً، فقد تكون هذه الأدلة مفيدة في حال اللجوء إلى إجراءات رسمية.
  • تحدث مع طرف ثالث: لا تتردد في مشاركة تجربتك مع فرد موثوق به، سواء كان زميل عمل أو مشرف أو حتى مختص صحة نفسية.
  • ابحث عن خيارات أخرى: إذا استمر التعرض للتلاعب العاطفي بعد اتخاذ التدابير السابق ذكرها، فقد يكون من الضروري البحث عن فرص عمل أخرى لضمان بيئة عمل صحية وآمنة.
  • ابحث عن دعم قانوني: في بعض الحالات، قد يكون التلاعب العاطفي مصحوبًا بسلوكيات غير أخلاقية أو غير قانونية، مثل التحرش أو التمييز. في هذه الحالات، يمكن للموظف البحث عن دعم قانوني لحماية حقوقه ومصالحه.

خاتمة:

يمكن أن يكون التلاعب العاطفي في العمل ظاهرة مدمرة تؤثر على الصحة النفسية والجسدية للموظفين، وتقلل من كفاءتهم وإنتاجيتهم. من خلال التعرف على علاماته التحذيرية واتخاذ الخطوات الوقائية اللازمة، يمكن للموظفين حماية أنفسهم من هذه الممارسات وضمان بيئة عمل صحية وفعالة.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى