محليات

الحارثي يحذر المدينة من المنهج الخفي

الدكتور منصور الحارثي هو إنسان لا يمل من الاستماع إليه، حديثه شجون وفنون، متواضع وحاد إذا تمسكت اللغة. عشق اللغة والشعر وعمل ككاتب وإداري، يدير أكاديمية الشعر العربي ويشرف على جائزة الأمير عبدالله الفيصل للشعر العربي. يشجع التفكير الناقد ويرى أهمية التواصل الثقافي والأدبي بين الشباب. يقدم خدماته لأمته ويعتبر دايم السيف خالد الفيصل قدوة ومدرسة إنسانية. يشارك في الندوات والمؤتمرات الثقافية وينشر بحوثه العلمية حول الأدب والشعر.

الفيصل يقدم تحذيراً من المنهج الخفي مع الحارثي في المدينة

منصور الحارثي إنسان لا تملّ من الاستماع إليه.. حديثه ذو شجون والكثير من الفنون.. ابتسامته لا تفارق محياه.. متواضع إذا اختلف معه أحد.. حاد إن تمسّ اللغة بشيء من لبس أو لحن.. جعل من «دايم السيف» الأمير خالد الفيصل نبراساً له وقدوة.. أخذ من والده الناقد المعروف النباهة وسعة الصدر في الحوار خصوصاً مع من يختلف معه..

الدكتور منصور بن محمد مريسي الحارثي.. مدير عام أكاديمية الشعر العربي، المشرف العام على جائزة الأمير عبداالله الفيصل للشعر العربي.. عشق اللغة والشعر فتخصّص فيهما كتابة وإدارة، أكاديمي مجيد يحب المسرح وأخلص له، ما بين مكة والطائف عناوين كثيرة تستحق منا معرفتها، له حب لأكاديمية الشعر العربي، باختصار نحن بين يدي فيلسوف برتبة كاتب وإداري بوسام التميَز..

«الثرثرة» والأجهزة الذكية

* الأجهزة الذكيّة علّمت الأصابع «الثرثرة» فمتى نعيد لأسماعنا الرصانة والأدب الرفيع؟.

– صحيح ما قلته، فنحن نعيش إسهاباً «إبداعيّاً» يعتبره الكثيرون اعتداء على الأدب الحقيقيّ وشجرة تخفي غابة الإبداع الرصين، ولكنّي أرى المسألة من زاوية نظر أخرى: إنّ الأجهزة الذكية والشبكات العنكبوتية وطفرة وسائل التواصل خلقت جوّاً جعل الكثيرين يستسهل بقصد أو من غير قصد مركب الأدب، فتطلّ علينا «فقاقيع» أدبيّة لا يمكن لها بأيّ حال من الأحوال أن تستهزئ بذائقة المتلقّي، فهو قد يجاملها ولكنّه لا يؤمن بها أبداً. إنّ هذه الثرثرة لا تسيء إلى المشهد الأدبي بقدر ما تخدم الأدباء الحقيقيّين الذين تسهم «رداءة» أعمال غيرهم في إظهار جودة أعمالهم، لذلك أقول لك لا تخف على الأدب الرصين فهو باق ومثبت نفسه لا تهزّه رياح «الثرثرة».

* انفتاح النوافذ والبوابات هدم شروط النشر.. فمن يضبط الإيقاع المنفلت، وكيف؟.

– دع النوافذ والبوابات مفتوحة للجميع، لا تمارس عليها وصاية ولا سلطة، وتأكّد أنّ من يدخل هذا السباق دون كفاءة عالية فإنه مغادر لا محالة، سيخرج من نفس البوابة التي دخل منها، فالنشر في نظري لم تهدم أركانه، وهو رهان لا يكسبه إلا المبدع المجيد المتمكّن، ودُور النشر ليست كلّها تجاريّة بحتة، فمعظمها إما ملك مثقفين أو فيها لجان قراءة تفرز الغث من السمين وتعرف ما يطلبه جمهور الكتاب، وتدرك ما يبقى في الأرض. لذلك أعيد القول: لا تخف على الأدب الحقيقيّ ولا تخش انفتاح النوافذ والبوابات وبالعكس، أنظر إلى ما توفره من خدمة مجانية للكفاءات والمواهب.

التفكير الناقد في المناهج

* التفكير الناقد صار جزءاً من المقرر الدراسي، أي أثر تنتظر؟.

– لا يمكن إلا أن أثمّن هذه الخطوة وأباركها، فتعويد الناشئة على التفكير النقدي يخلق لنا جيلاً بعيداً عن الاستهلاك، جيلاً يفكّر وينتج ويختار ما يقرأ وما يتبنّى من الرؤى والأفكار. إن التلقين آفة تصيب العقل بالخمول والنفس. التفكير النقدي هو السبيل إلى تكوين العقل وتدريبه على العمل والإنتاج والفحص والتمحيص للوصول إلى الحقيقة. * من يسيطر عليك لحظة الكتابة.. الرقيب الناقد أم جمهور المعجبين؟ ولمَ؟.

– عندما أهمّ بالكتابة، فإنّني لا أحرص على غير الصدق مع نفسي ومع مبادئي بغضّ النظر عن تفاعل الآخرين معها، إرضاء الناس غاية لا تدرك. الكتابة مسؤولية في المقام الأوّل، و»نفاثة صدر» الكاتب، فلا يمكن أن يصل إلى قرّائه إلّا إذا كان صادقاً في التعبير. قد يختلف معي القارئ، وهذا أمر جيّد وصحّي، لكنه سيحترمني لأنّي لم أضع قناعاً لأرضيه وهو قناع هشّ سيسقط في أوّل منعرج من منعرجات الكتابة والحياة.

«الشللية» وإبداعات الشباب

* هل نقاد الأدب اليوم باتوا موضوعيين أم شلليّين بما ينعكس على المبدعين الحقيقيين؟.

– الشللية ظاهرة موجودة لا يمكن نفيها، ولكنّ النقاد الموضوعيين أيضاً موجودون ويجتهدون في تقديم قراءات تحاول الارتقاء بمستوى الأعمال الأدبية والفنية بشكل عام. يبقى هنا أن نتساءل: هل يتسع صدر المبدع لنقد عمله، أم إنه يعتبره تحاملاً عليه فلا يفصل بينه هو وبين عمله، ويردّ بهجمة معاكسة فيرمي الناقد بالذاتية والشللية؟

الناقد الحقيقيّ اليوم في مأزق: إنه بين مطرقة الموضوعيّة وسندان ردّ فعل المبدع. وإذا ما ذهبت معك في فكرة الشللية وما تحمله من ظلم للمبدع الحقيقيّ، فأطمئنك مرّة أخرى على الأعمال الجيدة، فالمتلقّي لا يضلّ السبيل إليها.

* كيف ترى الابداع الثقافي والأدبي لدى الشباب؟ ولماذا النقد بعيد عن ذلك إذ نجد تكريساً لأسماء متداولة إعلامياً؟.

– مكّنتني تجربتي في جائزة الأمير عبدالله الفيصل من اكتشاف طاقات إبداعية شبابية عربيّة هائلة، ويكشف المشهد الثقافي العربي عن وجود مبدعين كبار من الجنسين رأيناهم في مختلف البرامج التي تعنى بالأدب والمسابقات التي تستهدف اكتشاف الموهوبين. ولا يجب أن نتجنّى على النقد، فهناك قراءات نقدية جادة تتيح للجمهور مزيداً من التعرّف على المبدعين والجوانب المضيئة في تجاربهم الغضّة.

* ماذا قدّمت لأكاديمية الشعر العربي؟ وكيف ترى مستوى الشعر عند شبابنا السعودي خاصّة؟.

– ما قدّمته للأكاديميّة تشهد عليه الأرقام والإنجازات التي حقّقتها الأكاديمية التي أراد صاحب السمو الملكي الأمير خالد الفيصل أن يجعلها منارة أدبية في مجال الشعر وصرحاً يجمع الشعراء والنقاد من شتى أصقاع المعمورة، وقد وفّر سموّه كلّ ظروف العمل والنجاح، وكنت مع مجلس الأمناء المميز وفريق العمل على وعي بشرف ثقة سموّه فتحمّلنا المسؤولية ولم ندّخر جهداً لتنفيذ الأهداف المرسومة إليها. لا أدّعي الكمال، ولكنّي أشهد أنّي قدّمت كلّ ما في وسعي لإنجاح البرامج التي وضعها مجلس أمناء الأكاديميّة، وما زال طريق الأكاديمية طويلاً، وما زال مسيرها على درب التميّز، ومن هذا المنبر نعد أحباء الأكاديمية ببرامج مستقبلية واعدة. وأمّا مستوى الشعر في بلادنا، فإني أكاد أجزم أنّ الشعر يجري في نفوس الموهوبين الشباب مجرى الدم في أجسادهم.

* ماذا يمثل لك القيمة والقامة دايم السيف خالد الفيصل بعيداً عن الرسميات؟.

– الكلام على دايم السيف سموّ الأمير خالد مشوب بمشاعر مختلفة، منها ما أحمله لهذا الرجل العظيم من محبة نشأت عليها، فهو ابن جلالة الملك فيصل رحمه الله ملك القلوب التي أحبته وأجلّته فتربّيت في بيت يردّد مناقبه ومآثره، وهو صاحب كلمات الأغاني الرومانسيّة التي أحببتها ورافقتني في حلي وترحالي وكانت رفيقة سنوات الغربة والتحصيل الدراسي في بريطانيا. وهو صاحب مؤسسة الفكر العربي التي جمعت أسماء مفكرين أدين لهم بتكوين بعض عقلي، هو إلى كل ذلك الأمير الذي تواضع لله فرفعه الله. فروافد مكانته كما ترى كثيرة متعدّدة، ولهذا فسموّ الأمير خالد الفيصل بصمة في حياتي وذاكرتي باقية ما بقيتُ. الأمير خالد الفيصل مدرسة إنسانية عظيمة ورمز عالمي يحمل هموم أمته على عاتقه منذ أن بدأ حياته العملية، وكانت رؤيته للثقافة والفكر رؤية استثنائية سابقة لعصره منذ أن حذر المجتمعات من خطر المنهج الخفي الذي يتربص بالشباب، فنادى بالوسطية وشجع التميّز ودل الناس على مصادر التنمية الحقيقية التي تنطلق من الكعبة المشرفة وما تمثله من تعليمات تنموية عظيمة، وأسّس مبادراته التي انعكست على إنسان المنطقة ليصبح قدوة حيّة للعالم. د. منصور بن محمد مريسي الحارثي

* مستشار رئيس مجلس أمناء أكاديمية الشعر العربي الأمير خالد الفيصل (من عام 2019 إلى الآن).

* مدير عام أكاديمية الشعر العربي، المشرف العام على جائزة الأمير عبداالله الفيصل للشعر العربي (من عام 2018 إلى الآن).

* رئيس مجلس المديرين (شركة وقف جامعة الطائف 2021- 2023، مستشار رئيس جامعة الطائف 2021- 2022).

* دكتوراة (University of Leeds) بريطانيا.

* أستاذ مشارك.

* عضو في العديد من اللجان.

* شارك في العديد من الندوات والمؤتمرات والفعاليات الثقافية والجوائز.

* من إنتاجه العلمي:

– المعاني العقلية والتخييلية عند عبدالقاهر ومواقعها في شعر ابن المعتز.

* الإبداع التصويري في موشحات لسان الدين بن الخطيب، مجلة الدراسات التربوية والإنسانية كلية التربية، جامعة دمنهور.

* العسكري بين المسايرة والمغايرة (دراسة في مركزية التلقي)، مجلة جامعة الطائف للعلوم الإنسانية.

* شعرية النظرة في غزليات الشاعرين عبدالله الفيصل وخالد الفيصل.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى