محليات

انتهاك حقوق الإنسان: انقطاع الأطفال عن التعليم خلال شهر رمضان يعتبر إيذاءً

شهدت المدارس والجامعات في المملكة العربية السعودية ارتفاعًا في معدلات الغياب خلال شهر رمضان، مما أدى إلى قلق من تأثيرها على المسار الدراسي. وزارة التعليم أكدت أن الغياب غير المبرر يعتبر مخالفة، ووضعت إجراءات تنبه الطلاب وأولياء الأمور بالغياب، وتتصاعد الإجراءات في حال استمراره لتشمل تطبيق نظام حماية الطفل. يجب الحفاظ على التوازن بين الاحترام المطلوب للصيام وتقديم الدعم التعليمي والنفسي لطلاب لتجاوز هذه التحديات.

حقوق الإنسان: توقف الطفل عن التعلم في رمضان يعتبر إيذاء له

تشهد المدارس والجامعات في المملكة ارتفاعًا ملحوظًا في معدلات غياب الطلاب والطالبات خلال شهر رمضان، مما يثير قلق الجهات التعليمية والحقوقية حول تأثير هذه الظاهرة على المسيرة الدراسية.
وقد أكدت وزارة التعليم أن الغياب المتكرر دون عذر يعد مخالفة تستوجب إجراءات تصاعدية لضبط الانضباط المدرسي، تبدأ بالإنذارات وتنتهي بتطبيق نظام حماية الطفل في حالات الغياب الطويل.

إجراءات “التعليم” للحد من الغياب

وضعت وزارة التعليم آلية واضحة للتعامل مع الغياب غير المبرر، حيث يتم إنذار الطالب عند غيابه ثلاثة أيام، ثم إشعار ولي الأمر عند بلوغ الغياب خمسة أيام.
وفي حال استمرار الغياب لعشرة أيام، يتم استدعاء ولي الأمر لتوقيع تعهد رسمي، بينما يؤدي تجاوز 15 يومًا إلى نقل الطالب إلى مدرسة أخرى.
أما إذا تخطى الغياب 20 يومًا، فإن الوزارة تلجأ إلى تطبيق نظام حماية الطفل، الذي ينظر إلى الانقطاع عن التعليم على أنه شكل من أشكال الإهمال، يستوجب التدخل لحماية مصلحة الطالب التعليمية وضمان استمراره في الدراسة.

التعليم حق أساسي للطفل

من جهتها، أكدت هيئة حقوق الإنسان أن التعليم ليس مجرد التزام أكاديمي، بل هو حق أساسي لكل طفل، وأن أي إهمال يؤدي إلى انقطاع الطالب عن دراسته يعد مخالفة صريحة لنظام حماية الطفل.
وأوضحت أن الفقرة (4) من المادة (3) من النظام تنص بوضوح على أن حرمان الطفل من التعليم أو التسبب في انقطاعه يُعد إيذاءً وإهمالًا، مما يستوجب تدخل الجهات المختصة لضمان عودته إلى مقاعد الدراسة. ودعت الهيئة إلى تكاتف الجهود بين المؤسسات التعليمية وأولياء الأمور والمجتمع لضمان عدم تعرض أي طفل للحرمان من التعليم تحت أي ظرف.

مساءلة قانونية للمسؤولين عن الغياب

أكد المحامي والمستشار القانوني أحمد بن جمعان المالكي أن حرمان الطفل من التعليم أو التسبب في انقطاعه يُعد انتهاكًا صارخًا لحقوقه، ومخالفة صريحة لنظام حماية الطفل في المملكة. وأوضح أن هذا الالتزام القانوني يفرض على أولياء الأمور والجهات التعليمية مسؤولية مباشرة في ضمان انتظام الطلاب وعدم انقطاعهم عن الدراسة.

وأشار المالكي إلى أن دليل قواعد السلوك والمواظبة الصادر عن وزارة التعليم يحدد إجراءات واضحة لمعالجة حالات الغياب، حيث تبدأ بالإنذارات التدريجية، وتتصاعد حتى تصل إلى تطبيق نظام حماية الطفل في حالات الغياب المطول.

وأضاف أن هذا النهج التصاعدي يهدف إلى تصحيح سلوك الطالب المتغيب، وحماية حقه في التعليم، مع إشراك الأسرة وإدارة المدرسة في إيجاد الحلول المناسبة. وأوضح أن الإهمال الجسيم من قبل ولي الأمر، في حال تجاوز الغياب 20 يومًا، قد يترتب عليه مساءلة قانونية، حيث يمنح النظام إدارة المدرسة صلاحيات لمعالجة الغياب، لكنه يُلزمها بإبلاغ الجهات المختصة عند بلوغ الغياب الحد الذي يستوجب التدخل الرسمي.

التوازن بين الالتزام القانوني والمرونة التربوية

من جهتها، أشارت المستشارة القانونية ندى الخاير إلى أن تزايد معدلات غياب الطلاب خلال شهر رمضان يمثل تحديًا قانونيًا وتربويًا، حيث يُطرح تساؤل حول مدى مسؤولية أولياء الأمور عن غياب أبنائهم، خاصة إذا كان الغياب مرتبطًا بتغيرات نمط الحياة خلال الشهر الفضيل وتأثير الصيام على قدرة الطلاب على التركيز والتحصيل الدراسي.ندى الخاير
وأوضحت الخاير أن الإشكالية تكمن في أن الغياب قد لا يكون ناتجًا عن إهمال ولي الأمر، بل بسبب عدم رغبة الطالب في الحضور نتيجة تأثير الصيام.

وتساءلت عن مدى عدالة تحميل أولياء الأمور المسؤولية الكاملة عن غياب أبنائهم إذا كان السبب الرئيسي خارجًا عن إرادتهم.
وأكدت أن تطبيق نظام حماية الطفل بشكل صارم في هذه الحالات قد لا يكون الحل الأمثل، إذ إن الإجراءات العقابية مثل استدعاء أولياء الأمور أو نقل الطلاب إلى مدارس أخرى لا تعالج الأسباب الحقيقية للغياب، بل قد تؤدي إلى تفاقم المشكلة والتأثير السلبي على الصحة النفسية للطلاب.
وشددت على أهمية تحقيق توازن بين الالتزام القانوني والمرونة التربوية، من خلال تعديل جدول الدراسة في رمضان ليتناسب مع قدرة الطلاب على التركيز أثناء الصيام، مثل تقديم أوقات الدوام ودمج التعليم الذاتي والتعليم عن بعد، وتعزيز دور المرشد الطلابي في متابعة حالات الغياب وتقديم الدعم النفسي للطلاب بدلًا من الاكتفاء بالعقوبات الإدارية.

الحلول المقترحة لمعالجة ظاهرة الغياب

وشددت الخاير على أن التعامل مع ظاهرة غياب الطلاب في رمضان يتطلب تقييمًا دقيقًا للأسباب الكامنة وراء الغياب، بحيث لا يتم تطبيق القوانين بشكل آلي دون مراعاة ظروف الشهر الفضيل. كما أكدت ضرورة تبني نهج يجمع بين الإجراءات التربوية الداعمة والتدخل القانوني المدروس، بما يضمن حق الطالب في التعليم مع احترام الظروف التي قد تؤثر على انتظامه الدراسي.
وأضافت أن الحل الأمثل يكمن في تبني سياسات مرنة تراعي الجوانب النفسية والتربوية جنبًا إلى جنب مع الالتزام بالقوانين التي تحافظ على استمرارية التعليم كحق أساسي لكل طالب. وأكدت أن دور الأسرة والمدرسة في معالجة هذه الظاهرة لا يقل أهمية عن دور الجهات القانونية، مما يتطلب تعزيز التعاون بين جميع الأطراف لضمان بيئة تعليمية أكثر مرونة ودعمًا للطلاب خلال شهر رمضان.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى