«الموارد البشرية» تعتمد السياسة العامة للتنمية الشبابية لتعزيز المشاركة والحماية وتكافؤ الفرص
إطار وطني موحّد يشمل السلامة من العنف والتنمر، والحماية الرقمية، وتمكين الشباب في المناطق غير الحضرية وذوي الإعاقة
اعتمدت وزارة الموارد البشرية والتنمية الاجتماعية السياسة العامة للتنمية الشبابية بوصفها إطارًا مؤسسيًا ينظم منظومة تنمية الشباب في المملكة، ويعزز حضورهم في مسارات التنمية الاجتماعية والاقتصادية والثقافية، ضمن توجهات وطنية تستهدف رفع جودة الحياة وتوسيع المشاركة المجتمعية.
وأوضحت الوزارة أن السياسة الجديدة تستند إلى استراتيجية شاملة ترتكز على عدد من المسارات المحورية، من بينها إسناد ملف تنمية الشباب إلى جهة متخصصة، ومعالجة الفجوات التشريعية والتنظيمية، وتشجيع البحث العلمي في قضايا الشباب، إلى جانب إعداد مؤشر وطني يقيس الأداء في مجال التنمية الشبابية ويدعم المتابعة والتقييم.
وبحسب ما تضمنته السياسة، فإن الاستراتيجية تركز على دعم الأطر الشبابية من منظمات وكيانات ومبادرات ومشروعات، وتمكين العاملين في قطاع التنمية الشبابية، بما يسهم في بناء منظومة قادرة ماديًا وتقنيًا على الاستجابة لاحتياجات الشباب المتنوعة في مختلف مناطق المملكة.
وأكدت السياسة مجموعة مبادئ توجيهية تضع احتياجات الشباب وسلامتهم وتطويرهم في صدارة الأولويات، عبر إعطاء مساحة أكبر لأصواتهم، والتفاعل المباشر مع تطلعاتهم، وتوفير بيئات آمنة وداعمة، مع توسيع الفرص التعليمية والمهنية والاجتماعية التي تساعدهم على النمو وتحقيق إمكاناتهم.
وفي جانب الحماية، شددت السياسة على ضرورة بناء بيئات حاضنة تمنع الإساءة الجسدية والنفسية، وتستند إلى الأطر التنظيمية القائمة، مع تنظيم حملات توعوية لرصد حالات الإساءة والإبلاغ عنها، وإطلاق مبادرات وقائية واستجابية لدعم الفئات المتضررة. كما أكدت أهمية مكافحة التمييز والتنمر عبر برامج تدريبية تستهدف المعلمين وأصحاب العمل وقادة المجتمع، وحملات توعوية تُبرز الآثار السلبية لتلك السلوكيات، إلى جانب توفير مجموعات دعم تمنح الشباب مساحات آمنة لتبادل التجارب وتعزيز القدرة على التكيف.
وتطرقت السياسة كذلك إلى ملف السلامة الرقمية وحماية الشباب إلكترونيًا، من خلال التعاون مع منصات التواصل لصياغة إرشادات للمحتوى المناسب، وتطبيق سياسات لمراقبة المحتوى وتنقيته، وتنفيذ حملات تثقيفية موجهة للمعلمين وأصحاب العمل وقادة المجتمع لرفع الوعي بالمخاطر الرقمية وحماية البيانات الشخصية، بما يحد من المحتوى المضلل ويعزز بيئة رقمية أكثر أمانًا.
وعلى صعيد العدالة في الفرص، أكدت السياسة ضرورة تمكين الشباب خارج المناطق الحضرية عبر ضمان وصولهم العادل إلى فرص التعليم والعمل والترفيه، بالشراكة مع الجهات ذات العلاقة لتوفير فرص تتناسب مع احتياجات كل منطقة، وتقديم الإرشاد التعليمي والمهني، وتطوير أطر تنظيمية داعمة لخيارات العمل المرنة بما يعزز التنمية المتوازنة.
كما خصصت السياسة محورًا لترسيخ القيم الدينية والاجتماعية لدى الشباب، عبر معايير للمؤسسات العامة والخاصة وغير الربحية، ودمج برامج القيم في المناهج التعليمية، وتأهيل الأسر والمعلمين لغرس السلوكيات الإيجابية، وتنظيم فعاليات بالشراكة مع الجهات المختلفة، مع حملات توعوية تشجع استثمار أوقات الفراغ في أنشطة بناءة.
وفي ملف تكافؤ الفرص بين الجنسين، أكدت السياسة التزامها بتمكين الشباب من الجنسين للوصول إلى فرص عادلة تتناسب مع إمكاناتهم واحتياجاتهم، مع تطوير تشريعات وسياسات تدعم العدالة في القطاعين العام والخاص وغير الربحي، ومواجهة الصور النمطية عبر حملات توعوية وبرامج تدريبية لأصحاب العمل تراعي احتياجات المرأة وتدعم مشاركتها الاقتصادية والمهنية بصورة مستدامة.
وأولت السياسة اهتمامًا خاصًا بتمكين الشباب ذوي الإعاقة، من خلال تحسين البنية التحتية والمرافق العامة، وتبسيط إجراءات الحصول على خدمات الدعم بآليات واضحة وسهلة، وتعزيز الشراكات لتصميم برامج تعليمية ومهنية ترفع فرص الدمج الأكاديمي والوظيفي. كما تناولت تمكين الشباب المعرضين للخطر مثل الأحداث والمتعافين من الإدمان والمتأثرين بمخاطر نفسية أو اجتماعية، عبر تشريعات تضمن فرصًا عادلة وتدعم إعادة التأهيل والاندماج الإيجابي.
وفي محور المشاركة المجتمعية، أكدت السياسة أن توسيع مشاركة الشباب في العمل التطوعي والأنشطة المجتمعية يسهم في بناء حس المسؤولية وتنمية المهارات الحياتية، ويساعد على ابتكار حلول للتحديات الاجتماعية. وأبرزت دور التطوع في بناء القدرات القيادية، مع التوجه نحو تطوير مناهج للتطوع الاحترافي، وحملات توعوية وحوافز تشجيعية.
كما شددت السياسة على أهمية توفير مساحات شبابية حاضنة بمعايير آمنة وداعمة، وتمويل مستدام عبر الشراكات، ورفع الوعي بالخدمات المتاحة فيها. ودعت إلى تشجيع تأسيس الجمعيات الشبابية وتسهيل حصولها على الدعم المالي والمؤسسي، بما يعزز المشاركة المنظمة والأثر الاجتماعي طويل المدى، إلى جانب تطوير قدرات العاملين مع الشباب بمعايير مهنية وتقنية ترفع جودة الخدمات المقدمة.
وفي جانب الحوكمة، أشارت السياسة إلى تنامي مشاركة الشباب في صنع السياسات ضمن الأطر النظامية، ودعت إلى برامج تدريبية تعزز مهارات الحوار والتعبير، وفعاليات تجمع الشباب بالقادة وصنّاع القرار، مع دعم إنشاء مجالس شبابية في القطاعات الحكومي والخاص وغير الربحي بوصفها منصات مؤسسية تُسهم في مناقشة قضايا الشباب وإيصال رؤاهم.
واختتمت السياسة بالتأكيد على أن تحسين جودة حياة الشباب يتطلب بيئات ممكنة تعزز الأمن والسلام والعدالة الاجتماعية والتماسك المجتمعي، وترسخ الهوية الوطنية والثقافة السعودية بأساليب عصرية، بما يضمن تنسيق الجهود بين الجهات ذات العلاقة ضمن مخطط وطني موحد يرفع الوعي بقضايا الشباب ويعزز مشاركتهم في التنمية الوطنية.