اهتمت المملكة بالصحة النفسية للإنسان بصفتها جزءاً لا يتجزأ من الصحة العامة وقيمة جوهرية وأساسية لتمكين الفرد من مواجهة ضغوط الحياة المختلفة، ولتعزيز تنمية شخصيته بعيداً عن الاضطرابات النفسية وتداعياتها.
وتجلت صور ذلك الاهتمام بإنشاء المجمتعات النفسية المتخصصة، ومنها مجمع إرادة والصحة النفسية بالطائف المستشفى الأول المتخصص في مجال الطب النفسي والأكبر على مستوى المملكة، وتبلغ سعته السريرية 670 سريراً، حيث تم البدء في إنشاء المجمع عام 1378هـ، وتم تدشينه في عهد الملك سعود بن عبد العزيز ـ رحمه الله ـ عام 1382 هـ، وسمي بعدة مسميات منذ إنشائه مثل الموريستان، ومستشفى الأمراض العقلية الحديث، ومستشفى الصحة النفسية، وفي عام 1443هـ تم تغيير مسماه إلى مجمع إرادة والصحة النفسية.
وبحسب مدير مجمع إرادة والصحة النفسية بالطائف الدكتور فريد بن حامد المالكي؛ فإن المجمع يزخر بالكوادر المميزة من الأطباء الاستشاريين والأخصائيين الذين يملكون الخبرة الواسعة في مجال الطب النفسي بتخصصاته المختلفة مثل: الطب النفسي للكبار والمسنين و الطب النفسي للأطفال والمراهقين، إضافة إلى الطب النفسي الجنائي، حيث تعد اللجنة النفسية الجنائية بالمجمع هي اللجنة الأولى والمرجعية على مستوى المملكة، كما تم اعتماده من الهيئة السعودية للتخصصات الطبية كمستشفى تعليمي لتدريب الأطباء الملتحقين ببرنامج البورد السعودي للطب النفسي، كما يقدم المجمع العديد من الخدمات الطبية المساعدة الأخرى مثل الخدمة النفسية، والخدمة الاجتماعية، وتخطيط المخ، والطب الاتصالي، والتأهيل الطبي النفسي، وخدمات طب الأسنان، وخدمات طب الباطنة، والعلاج الطبيعي، وعيادة لمكافحة التدخين، والأشعة، والمختبر، والصيدلية وخدمة الاستشارات الدوائية، والرعاية المنزلية، والتغذية، والتغذية العلاجية، والتثقيف الإكلينيكي.
ويستخدم مجمع (إرادة) العديد من الطرق العلاجية الحديثة؛ ومن أبرزها العلاج السلوكي المعرفي الذي يساعد على تدارك التفكير السلبي حتى تتمكَّن من عرض المواقف الصعبة بشكل أكثر وضوحًا والاستجابة لها بطريقةٍ أكثر فعاليةٍ ومنظمةٍ من خلال حضور عددٍ من الجلسات، إضافة إلى العلاج الدوائي وهو جزء من العلاج الشمولي للأمراض النفسية، والذي يتكون من أدوية وجلسات علاجٍ نفسي واجتماعي، لإعادة الاتزان ومعالجة الاضطرابات.
ومن الطرق العلاجية الفعالة كذلك بالمجمع العلاج بالعمل لمساعدة النزيل للوصول إلى أقصى الإمكانات الجسدية والنفسية والاجتماعية والمهنية، بما يتفق مع حالته النفسية ليزداد شعوره بالطمأنينة والثقة بالنفس وتخفيف الشحنات والانفعالات لديه، فيما يعمل المجمع على إعادة تأهيل المريض من خلال التخلص من التركيز على الانفعالات النفسية التي تسبب الاضطراب والمساعدة في التعبير عن المشاعر، وشغل وقت فراغ المريض، وإثبات قدرته على الإنتاج من خلال عدة برامج يقيمها قسم التأهيل الطبي، منها الرحلات للحدائق العامة والخاصة وحضور المباريات بمحافظة الطائف، وحضور سباقات الخيول، واستقبال الزوار من المدارس والكليات، وزيارة المهرجانات الموسمية على مدار العام، والنشاط الرياضي اليومي، وعمل مسابقات رياضية دورية تنافسية لكرة القدم، والطائرة، والفرفر، والبلياردو، وتنس الطاولة وعمل مسابقات دورية تنافسية في عدد من ألعاب التسلية مثل البلوت والكيرم وغيرها، وعمل ملتقى ومنافسات شعرية، وإقامة الحفلات الأسبوعية، كما تم تجهيز وافتتاح فصل للرسم والأعمال الفنية، وفصل للمكتبة والقراءة، ومعرض أعمال النزلاء والنزيلات الدائم أمام الزوار.
وبخصوص أعمال المجمع الاجتماعية يقول المالكي: “بسبب تزايد انتقال المواطنين من القرى للمدن، ونظراً لضعف الوعي لدى المجتمع بالأمراض النفسية أدى إلى زيادة أعداد المرضى، فكان لزاماً علينا وضع الآليات التي تربطنا بالمجتمع لإيصال البرامج التوعوية، والتي بدورها تزيد من مستوى الوعي لديهم، وتكسبهم وقاية ضد زيادة المخاطر التي تترتب على الإصابة بالأمراض النفسية، فقد تم عمل عدة برامج ومبادرات، ومثال على ذلك مبادرة فحص اكتئاب ما بعد الولادة، ومبادرة الاستشارة النفسية ما قبل الزواج التي عممت مؤخراً من قبل الوزارة على جميع مدن المملكة، والكثير من المبادرات الأخرى التي تستهدف الجانب التوعوي والوقائي والعلاجي”.
يشار إلى أن المجمع حصل على عدة جوائز منها جائزة التطوع الصحي لعام 2019م وعام 2020م، وجائزة سابك الوطنية لتعزيز الصحة النفسية لعام 1440هـ، وجائزة ديزي العالمية للتمريض عام 2022م، وحصل على المركز الأول على مستوى مستشفيات الصحة النفسية في رضا المريض خلال عامي 2021م -2022م، وجائزة معالي وزير الصحة من خلال مبادرة الاستشارة النفسية ما قبل الزواج عام 2022م والتي تم تعميمها مؤخراً على مستوى المملكة.
