مقالات

ماكرون والصين… هل هي صحوة أوروبية أم لعبة أمريكية؟

في زيارة مثيرة للجدل، قام الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون بزيارة الصين لمدة ثلاثة أيام، وأدلى بتصريحات تحمل دلالات استراتيجية وسياسية هامة. فقد دعا ماكرون إلى أن تتجنب أوروبا التبعية لواشنطن أو بكين، وأن تسعى للحوار والتعاون مع الصين في قضايا عالمية، مثل المناخ والصحة والسلام. وأضاف أن الصين يمكنها أن تلعب دورا رئيسيا في إيجاد حل للأزمة الأوكرانية، وأشاد بالمقترحات الصينية المؤلفة من 12 نقطة لإحلال السلام بين روسيا وأوكرانيا.

هذه التصريحات أثارت ردود فعل متباينة في أوروبا والعالم، فبعضها رأى فيها صحوة أوروبية وإظهار للاستقلال والثقة في التعامل مع القوى الكبرى، وبعضها اعتبرها تضعف الموقف المشترك للاتحاد الأوروبي والولايات المتحدة والناتو، الذي يدعم سيادة وسلامة أوكرانيا، ويرفض أي خطة تشجع على ضم روسيا لشرق أوكرانيا. وبعضها تساءل عن دور الولايات المتحدة في هذه المسألة، وهل هذه التصريحات تستجدي رضى الصين أم تستخدم كورقة ضغط على روسيا.

فما هو الهدف من هذه التصريحات؟ وما هو موقف الدول العربية منها؟

لا شك أن ماكرون يحاول أن يبرز دوره كزعيم أوروبي قادر على التفاوض مع الصين كشريك اقتصادي وسلام، دون أن يخضع للضغط من قبل الولايات المتحدة، التي ترى في الصين منافسًا وخصمًا. كما يحاول ماكرون أن يجسد رؤية دولية جديدة، تستند إلى التعددية والتعامل مع كافة الأطراف على قدم المساواة، دون استخدام القوة والقطبية. ويعتقد ماكرون أن هذه الرؤية تتماشى مع مصالح أوروبا، التي تريد الحفاظ على علاقات تجارية واستثمارية مع الصين، والتي ترى في الصين شريكًا للتعاون في مجالات مثل المناخ والصحة والتنمية. ويرى ماكرون أن الصين يمكنها أن تساهم في حل الأزمات الدولية، بما في ذلك الأزمة الأوكرانية، إذا تم التعامل معها بحسن نية واحترام.

ولكن هل هذه التصريحات تعبر عن رأي أوروبا بأكملها؟ وهل هي قابلة للتطبيق في الواقع؟

الإجابة على هذه التساؤلات ليست سهلة، فأوروبا ليست كتلة موحدة، بل تضم دولًا مختلفة في مواقفها ومصالحها. فبعض الدول، مثل ألمانيا وإسبانيا واليونان، ترحب بالتعامل مع الصين، وترى فيها فرصًا للاستثمار والتجارة والسياحة. وبعض الدول، مثل بولندا والبلطيق ورومانيا، تخشى من الصين، وترى فيها تهديدًا لأمنها وقيمها. وبعض الدول، مثل فرنسا وبريطانيا وإيطاليا، تحاول أن تجد توازنًا بين المصالح الاقتصادية والأمنية، دون أن تفقد ثقة حلفائها الأوروبيين أو الأمريكيين.

وفي هذه المعادلة، يظهر دور الولايات المتحدة كعامل مؤثر، فالولايات المتحدة ترى في الصين منافسًا استراتيجيًا، يجب على أوروبا أن توقف نفوذه وطموحاته. والولايات المتحدة تطالب أوروبا بالتضامن معها في فرض عقوبات على الصين، وإغلاق أسواقها أمام شركاتها، وإبعادها عن قطاعات حساسة، مثل الاتصالات والطاقة. والولايات المتحدة تدعم سيادة وسلامة أوكراني

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى