أثار رسم كاريكاتوري مثير للجدل حساسية في الهند بعد أن تجاوزت البلاد التي يبلغ عدد سكانها 1.4 مليار نسمة الصين لتصبح أكثر دولة اكتظاظًا بالسكان في العالم، مما أبرز ما يقوله النقاد إنها صور نمطية قديمة تروج لها وسائل الإعلام الغربية.
ويظهر الرسم، الذي نشرته مجلة دير شبيغل الألمانية الإخبارية الشهر الماضي، حشدًا من الهنود المبتهجين على قطار قديم ومزدحم – كثير منهم يقفون على السطح – بينما يتجاوز قطار صيني فائق السرعة. وقال النائب الهندي فيجاياساي ريدي على تويتر: “إن العالم الغربي يفضل تصوير الهند على أنها فقيرة وتكافح”، مضيفًا أن الرسم “غير لائق”. وذهبت اتهامات أخرى إلى أبعد من ذلك. “مرحبًا ألمانيا، هذا عنصري بشكل فظيع”، كتب كانشان غوبتا، المستشار الأول لوزارة المعلومات والإذاعة في الهند، على تويتر.
ففي السنوات التي تلت استقلال الهند عن بريطانيا في عام 1947، أصبحت البلاد مرادفة لعدم التنمية. وكان متوسط العمر المتوقع في ذلك الوقت 37 عامًا فقط للرجال و 36 عامًا للنساء – وكان 12% فقط من الهنود يحسنون القراءة والكتابة. وكان إجمالي ناتج محلي للبلاد 20 مليار دولار فقط، وفقًا للعلماء.
لكن بعد أكثر من ثلاثة أرباع قرن، يقول نقاد رسم دير شبيغل إنه من غير المنصف رؤية الهند من خلال عدسة الفقر. إذ تُعَدّ اقتصاد الهند الذي يبلغ حجمه نحو 3 تريليونات دولار هو خامس أكبر اقتصاد في العالم وأحد أسرع اقتصادات نموًا. وقد رفع البنك الدولي تصنيف الهند من دولة ذات دخل منخفض إلى دولة ذات دخل متوسط - وهو فئة تشير إلى دخل قومي إجمالي للفرد يتراوح بين 1036 و 12535 دولارًا. وارتفعت معدلات القراءة والكتابة إلى 74% للرجال و 65% للنساء وأصبح متوسط العمر المتوقع الآن 70 عامًا.
وفي نهاية الأسبوع الماضي، تجاوزت الهند الصين لتصبح أكثر دولة اكتظاظًا بالسكان في العالم، وفقًا لتقديرات الأمم المتحدة، وهو تغيير هائل في الديموغرافيا العالمية يتزامن مع زيادة الثقة في أكبر ديمقراطية في العالم. يُضَاف إلى “العائد السكاني” للهند، وهو النمو الاقتصادي المحتمل الناشئ عن سكان كبير في سن العمل، سوق المستهلكين الضخمة في البلاد وحوض من العمالة الميسورة التكلفة التي تجذب المستثمرين العالميين. وتتوقع صندوق النقد الدولي أن تتفوق الدولة الآسيوية على جميع الاقتصادات الناشئة والمتقدمة الرئيسية هذا العام، حيث تحقق نموًا في الناتج المحلي الإجمالي بنسبة 5.9%. بالمقارنة، من المتوقع أن تستقر اقتصادات ألمانيا وبريطانيا، بينما من المتوقع أن تنمو الولايات المتحدة بنسبة 1.6% فقط. وقال راجيف شاندراسخار، وزير التكنولوجيا الإلكترونية والمعلومات: “إنه ليس ذكاءً أن تراهن ضد الهند” تحت رئاسة رئيس الوزراء ناريندرا مودي.
ولكن هذه ليست المرة الأولى التي يثير فيها رسم كاريكاتوري غضبًا في الهند. ففي عام 2014، أظهر رسم كاريكاتوري لصحيفة نيو يورك تايمز مزارعًا هنديًا مع بقرة يطرقان باب “النادي الفضائي المتطور”، بعد أن دخلت مهمة المسبار المريخية التابعة للهند مدار المريخ بنجاح. وأثارت الصورة غضبًا لما اعتبره بعضهم تحت ظلال عنصرية، مما دفع المطبوعة إلى إصدار اعتذار.
