القراءة هي أحد أهم المهارات التي يحتاج إليها الإنسان في حياته، فهي تمدّه بالمعرفة والثقافة والتفكير النقدي والإبداع. لكن ليس كل نوع من القراءة يحقق هذه الأهداف، فهناك قراءة سطحية وقراءة عميقة أو واعية. القراءة السطحية هي التي تتم بسرعة وبدون تركيز أو تفاعل مع المحتوى، وهي لا تؤدي إلى فهم جيد أو استيعاب دائم للمعلومات. أما القراءة العميقة أو الواعية فهي التي تتم ببطء وبانتباه وبتفكير نقدي وبتأمل في المعاني والأفكار والآراء المطروحة في النص، وهي تؤدي إلى فهم أفضل واستيعاب أطول وتطوير المهارات اللغوية والفكرية.
خطوات وإستراتيجيات تنمية مهاره القراءه الواعيه
إذن، كيف يمكننا تنمية مهارة القراءة الواعية لدينا؟ هناك بعض الخطوات والإستراتيجيات التي يمكن اتباعها لتحسين جودة قراءتنا، وهي كالتالي:
- اختيار المصادر الموثوقة والمتنوعة: يجب علينا أن نختار مصادر قرائتنا بحكمة، فلا نكتفي بقراءة مصادر واحدة أو محدودة أو سطحية، بل نحاول قراءة مصادر مختلفة ومتعددة ومتعمقة في الموضوعات التي نهتم بها أو نرغب في تعلّمها. كما يجب علينا أن نتأكد من مصداقية المصادر التي نقرأها، وأن نفحص مدى دقّتها وموضوعيّتها وحسن نيّتها. يمكننا استخدام محركات البحث على الإنترنت للبحث عن مصادر مختلفة، ولكن يجب علينا أن نكون حذرين من المصادر التي قد تحتوي على معلومات خاطئة أو مضلّلة أو مغرضة.
- تحديد هدف من القراءة: قبل أن نبدأ بالقراءة، يجب علينا أن نحدد هدفًا واضحًا منها، فما هو السؤال الذي نريد الإجابة عليه؟ أو ما هي المشكلة التي نريد حلها؟ أو ما هي الفائدة التي نريد الحصول عليها؟ هذا الهدف سيساعدنا على تركيز انتباهنا على المعلومات المهمة والمفيدة في النص، وعلى تجنب التشتت أو الانحراف عن الموضوع.
- قراءة النص بتمعّن وبتفاعل: عندما نقرأ النص، يجب علينا أن نقرأه بتمعّن وبتفاعل، أي أن نحاول فهم معاني الكلمات والجمل والفقرات، وأن نربط بين الأفكار والحجج والأمثلة، وأن نقارن بين وجهات النظر والآراء المختلفة، وأن نتساءل عن دوافع الكاتب وغاياته ومصادره. كما يجب علينا أن نقرأ النص بتفاعل، أي أن نحاول ربط ما نقرأه بما نعرفه من معلومات سابقة أو تجارب شخصية، وأن نستخرج منه استنتاجات وانطباعات وتقييمات، وأن نطرح عليه أسئلة وانتقادات واقتراحات.
- استخدام إستراتيجيات القراءة المختلفة: هناك إستراتيجيات مختلفة يمكن استخدامها لتسهيل فهم النص وزيادة استيعابه، مثل:
- التخطيط للقراءة: هو تحديد ما يراد قراءته وكيفية قراءته، مثل تحديد عدد الصفحات أو المدة الزمنية أو التقسيم إلى فقرات أو فصول.
- التفحص: هو قراءة سريعة للعنوان والمقدمة والخاتمة والعناوين الفرعية للحصول على فكرة عامة عن الموضوع.
- التفصيل: هو قراءة دقيقة لكل جزء من النص لفهم التفاصيل والأساسيات.
- التلخيص: هو إعادة صياغة المعلومات الأساسية في النص بكلمات خاصة بالقارئ.
- التشخيص: هو تحديد المشكلات أو الثغرات أو الأخطاء في النص.
- التحليل: هو تفكيك النص إلى مكوِّناته وتحديد العلاقات بينها.
- التوليف: هو دمج المعلومات من مصادر مختلفة في صورة متكاملة.
- التطبيق: هو استخدام المعلومات في حالات جديدة أو مختلفة.
- المراجعة: هي إعادة قراءة النص أو جزء منه لتأكيد الفهم والتصحيح الأخطاء والتعديل الضروري.
- الانعكاس: هو التفكير في ما تم قراءته وتقييمه من حيث القيمة والمصداقية والأهمية والمنفعة.
- النقد: هو تحليل النص من حيث الهدف والجمهور والبنية والأسلوب والمضمون والمنهج والمنطق والحجة والأدلة والمصادر.
- الابتكار: هو استخدام النص كمصدر للإلهام والإبداع والابتكار، مثل كتابة رد أو تعليق أو نقد أو ملخص أو توسيع أو تطبيق أو تحويل أو ترجمة أو إعادة صياغة أو إنشاء نص جديد.
باتباع هذه الخطوات والإستراتيجيات، يمكننا تنمية مهارة القراءة الواعية لدينا، وبالتالي تحسين جودة قرائتنا وزيادة فائدتنا منها. القراءة الواعية هي مفتاح التعلّم المستمر والتطور الشخصي والمهني. فلنجعل من القراءة عادة يومية وهواية مفضلة