منوعات

في رحلة حسية متنوعة لثلاثة أشهر ويقام في جدة.. بينالي: “أول بيت” يحتفي بالثقافة والفنون الإسلامية

إعداد: ماجد مدني – تصوير: عمر أبو سيف
يقام “بينالي” الفنون الإسلامية لأول مرة هذه الأيام في مدينة جدة خلال المدة من 23 يناير إلى 23 إبريل القادم، ليستقبل زواره من العاشرة صباحًا حتى الحادية عشرة مساءً، تحت عنوان “أول بيت”، ويقع على مساحة 70 ألف متر مربع داخل صالة الحجاج الغربية بمطار الملك عبد العزيز الدولي.
ويحتوي ” البينالي” على قسمين مرابطين؛ أحدهما داخلي والآخر خارجي، يُقدمان حوارًا متناغمًا للزائر، يعيش خلالها رحلة غنية بالخبرات الحسية المتنوعة، من خلال التفاعل غير المسبوق بين الأعمال الفنية المعاصرة والمقتنيات التاريخية المختارة بعناية، في توليفة مصوغة ببراعة تجمع العناصر المشهدية التي صممها أحد المكاتب العالمية “متروبوليتان” للعمارة (أو إم أي)، لتُلهم الفنانين من تصويرها وترجمتها، وتوثق انعكاساتها على وجدان الزوار، في مختلف المجالات الفنية، داخل قاعات المعرض، والمسرح، والمسجد، والورش الفنية، وقاعات الندوات التي تقام عليها مختلف فعاليات البرنامج الثقافي” للبينالي”، إضافةً إلى تشكيلة من المتاجر والمقاهي والمطاعم.
ويجسِّد موقع “البينالي” الجديد ثمرة للتعاون بين وزارة الثقافة ووزارة النقل والخدمات اللوجستية والهيئة العامة للطيران المدني؛مما يسهم في إثراء دور صالة الحجاج عبر الاحتفاء بالثقافة والفنون الإسلامية، وجعلها رافداً للمشهد الفني المحلي في جدة والمملكة على مدار العام،إذْ تشكل محورًا للمعارض الفنية الداخلية “قبلة المسلمين”، التي تضع مكة المكرمة في قلب الحدث، وتُفرد الكعبة المشرفة بصفتها “أول بيت وُضع للنّاس”، تضم 4 صالات عرض، وجناحين، وأكثر من 60 لجنة تحكيم، و15 عملاً لم يسبق عرضها من قبل، و280 قطعة فنية وتاريخية مختارة من قبل المؤسسات المختلفة.
وتجمع الدورة الأولى من “بينالي” الفنون الإسلامية،ومؤسسات وهيئات ثقافية حكومية وخاصة في مكان واحد لأول مرة، تعرض خلاله نفائس ونوادر مقتنياتها من التُحف الإسلامية التي لم يسبق عرضها من قبل، ليتصدر تلك المجموعات تُحف ونفائس ثمينة من الحرمين الشريفين في مكة المكرمة والمدينة المنورة، كـ باب ومفتاح الكعبة المشرفة، ومقتنيات أثرية من المسجد الحرام والمسجد النبوي الشريف، ومخطوطات قرآنية، كأحد أقدم المصاحف التي كان لها تاريخ قريب جدًا من عصر النبوة، يتم عرضها بجوار بعضها البعض في سابقة لم تعرض من قبل؛ مما يعطي الزائر صورة متكاملة تجمع بين الجانبين التاريخي والمعاصر، إضافةً إلى نموذج مخطوط للمصحف الشريف من الذهب الخالص، ونموذج آخر من أقدم القطع الموجودة في العالم من ناحية التاريخ الإسلامي، كالعمود الداخلي للكعبة المشرفة الذي يعود تاريخة لزمن الصحابي عبد الله بن الزبير – رضي الله عنه- والأعمال الخشبية والمعدنية، وعرض قطع أثرية وتُحف ومجسمات تاريخية جُلِبَت من متاحف عالمية؛ كمتحف “بيناكي” في أثينا، ومتحف “تاريخ العلوم” في أكسفورد، ومتحف “اللوفر” في باريس، ومتحف ” فيكتوريا وألبرت” في لندن.
كما تشارك في المعرض مؤسسات من مختلف الدول، كـ أوزبكستان، وتونس، واليونان، وأذربيجان، ومؤسسات محلية، كالرئاسة العامة لشؤون الحرمين، ومكتبة الملك فهد الوطنية، وتضم مجموعة رائعة من المؤسسات والمعاهد التي لديها تاريخ ثري في البحث والدراسة والحفاظ على الفنون الإسلامية، بالإضافة إلى الفنانين الحرفيين الذين يعملون في هذه المجالات.
وتجوَّلت وكالة الأنياء السعودية “واس” في أروقة المعرض الذي يضم قاعة العرض الأولى “القبلة” التي صُممت بإضاءات خافتة يُشاهد خلالها عرض فيديو للمسجد الحرام بمكة المكرمة، مصحوبًا بسماع ترددات للأذان من مختلف أنحاء العالم الإسلامي، وتُفضي تلك الغرفة لعدد من الغرف المتتالية، تتناول كل منها نسكًا؛ كالوضوء والصلاة ومشاهد تجهيز ” الكفن ” لتنتهي عبر ممر طويل خافت الإضاءة لغرفة الكعبة المشرفة، وهي عبارة عن “غرفة بيضاء” ساطع ضوؤها يعتليها باب الكعبة، وهو الباب الذي أمر الملك عبد العزيز -رحمه الله- بصنعه عام 1940م، إلى أن ينتهي العرض عبر باب آخر للكعبة المشرفة يعود لعام 1630م وظل لمدة أكثر من 300 عام، قبل أن يتم استبداله بباب الملك عبد العزيز، وأيضًا “ميزاب” الكعبة المشرفة وقطع عديدة من المنسوجات الحريرية في تسلسل العرض تمثل الكعبة الوجهة الأخيرة، يصل إليها الزائر بعد المرور بمحطة الحياة الأخيرة، المتمثلة في الموت، وفي هذه الغرفة تحديدًا نجد عددًا من الشواهد الأثرية من مقبرة المعلاة في مكة المكرمة.
من جانبها، أوضحت الرئيس التنفيذي لمؤسسة بينالي الدرعية آية البكري، أن “بينالي” الفنون الإسلامية يكتسب أهمية كبيرة، وسيفرض حضوره بقوة كحدث بارز على أجندة الفعاليات الفنية حول العالم، ويقدم تجربة فنية معاصرة تسلط الضوء على مختلف أشكال الفنون الإسلامية من مجموعة من أبرز الفنانين في المملكة والعالم، مشيرةً إلى أن المؤسسة قامت بالإستعانة بفريق دولي من القيّمين الفنيين للإشراف على فعاليات “بينالي” الفنون الإسلامية، يضم علماء آثار بارزين سعوديين وعالميين.
وتتطلع مؤسسة بينالي الدرعية من خلال المعرض الحالي بجدة، إلى العمل على بناء جسور بين الحرفيين الصناعيين والأوساط الأكاديمية والممارسات الفنية والإبداعية لفتح آفاق جديدة، وإيجاد نقاط التقاء جديدة لاستلهام وتوليد المعاني من خلال تأمل مركزية الكعبة المشرفة بالنسبة للمسلمين في جميع أنحاء العالم، والاحتفاء من منظور متعدد التخصصات بما يعنيه أن يكون المرء مسلمًا، حيث يتجلى موضوع “أول بيت وضع للناس” عبر قسمين متكاملين، أولهما “القبلة” التي تستعرض مختلف التصورات لمفهوم “القبلة” عبر صالات العرض، والأخرى “الهجرة” التي تتمثل من خلال التركيبات الفنية الخارجية العملاقة، تحت مظلة صالة الحجاج بمطار الملك عبدالعزيز الشهيرة بجدة.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى