من مسارات جبلية صعبة إلى شريان حضاري يربط أربع مناطق: الطريق الجنوبي
بدأت قصة “طريق الجنوب” قبل نصف قرن، حيث كانت مسارات جبلية صعبة تعيق القوافل بين المناطق الجنوبية. تم انشاء طريق الجنوب بتقنيات عالية ليكون نقلة حضارية كبرى، ربط 419 قرية وتعزيز التنمية الاقتصادية. الطريق شهد استخدام تقنيات مبتكرة كالجسور المعلقة والنفقين. هدف وزارة المواصلات هو تحسين البنية التحتية بحلول عام 2030. الهدف النهائي هو خفض حوادث الطرق وتعزيز السلامة وزيادة مشاركة القطاع الخاص في العمليات.
الطريق الجنوبي: مسارات جبلية، شريان حضاري، إرباط مناطق، الجنوبية
قبل حوالي نصف قرن، كان مسار طريق الطائف-الباحة-أبها-جيزان عبارة عن مسارات ودروب جبلية صعبة، تعيق سير القوافل بين المناطق الجنوبية من المملكة مثل جيزان، نجران، عسير، الباحة، مكة المكرمة، وبقية أطراف المملكة، فلم تقتصر المعاناة على صعوبة الانتقال وقسوة الطبيعة.
بدأت قصة “طريق الجنوب” مع بداية تنفيذ خطة وزارة المواصلات لإنشاء وتطوير شبكة الطرق الإسفلتية في عام 1383هـ، حيث تم وضع التصميم التفصيلي للطرق في سنة 1386هـ. وفي منتصف عام 1384هـ، بدأت الوزارة بفتح طرق ترابية بين الطائف والجبوب بمسافة 75 كم باستخدام أجهزتها ومعداتها الخاصة.
وقد انضم هذا الطريق بعد ذلك إلى الطرق الرئيسية وأصبح جزءًا منها.
نقلة حضارية
تم بعد ذلك البدء بإنشاء الطريق، حيث استغرق بناؤه 11 عامًا ليكون نقلة حضارية كبرى في الأجزاء الغربية والجنوبية من المملكة، مستهدفًا ربط 419 قرية على امتداد أربع من أهم مناطق المملكة، ليكون مسارًا للتنمية الاقتصادية.
ولطريق الجنوب مسمى سابق كان يطلق عليه عند افتتاحه رسميًا في شهر ذي القعدة عام 1389هـ تحت رعاية الملك فهد بن عبد العزيز آل سعود -رحمه الله- حينما كان وليًا للعهد آنذاك، حيث أطلق عليه وزير الموصلات الأسبق حسين المنصوري -رحمه الله- اسم “طريق الخير”.
تقنيات عالية
“طريق الجنوب” أول طريق يتم فيه استخدام تقنيات عالية ربما لأول مرة في تاريخ إنشاء الطرق في المملكة، كبناء الجسور المعلقة بفواصل التمدد كما في جسر شمرخ، وأيضًا قطع الجبال العالية شديدة الانحدار كما في جبال الصلبات في النماص وجبال القامة في تنومة، ثم في عقبة ضلع الموصلة بين أبها في السراة وجازان في تهامة والسهل الساحلي.
كما تم بناء جدران إسناد ضخمة لحماية أطراف الطريق من الانهيارات نتيجة لطبيعة الطريق وشدة انحداره.
وشهد “طريق الجنوب” لأول مرة في تاريخ بناء الطرق في المملكة، شق أول نفقين بطول 553 مترًا في ضلع، وكذلك استخدام الحديد غير القابل للصدأ للإنشاءات العلوية مع خرسانة مسلحة لبلاطة الطريق؛ ليلعب هذا الطريق دورًا كبيرًا في كسر حاجز المسافة والزمن، كما أسهم في تنمية واسعة للقرى التي تقع على امتداد الطريق.
قطاعات واعدة
مما يذكر أن قطاع الطرق يعد من أكثر القطاعات الحيوية التي أسهمت في تنمية هذا الوطن الشامخ، وتمكين العديد من القطاعات الواعدة، كما تواصل الهيئة العامة للطرق تنفيذ العديد من المشاريع والمبادرات الحيوية للارتقاء بقطاع الطرق، لتحقيق مستهدفات استراتيجية قطاع الطرق بالوصول إلى التصنيف السادس في مؤشر جودة الطرق عالميًا بحلول عام 2030.
وأيضًا خفض الوفيات على الطرق لأقل من 5 حالات لكل 100 ألف نسمة، وتغطية شبكة الطرق بعوامل السلامة المرورية حسب تصنيف البرنامج الدولي لتقييم الطرق (IRAP)، والمحافظة على مستوى خدمات متقدمة لمستوى الطاقة الاستيعابية لشبكة الطرق، ورفع مشاركة القطاع الخاص في الأعمال التشغيلية.